تقييم فيلم The prestige : رؤيا شخصية

Amazon.com


هذا المقال يحوي حرق لأحداث الفيلم لذا ننصحك بأن تحضره قبل أن تقرأ.

هو الفيلم الرابع للمخرج البريطاني كريستوفر نولان، والمبني على رواية رسائلية من تأليف كريستوفر برست. يعد الفيلم من الأعمال السينمائية الأفضل في القرن الواحد والعشرين، والبعض يقول أنه من أروع أعمال التاريخ.
شارك فيه أربعة من عظماء التمثيل هم كريستيان بيل، هيو جاكمان، مايكل كين وسكارلت جوهانسون،  ولا شك أن تعاونهم مع المخرج كان السبب في إخراج جوهرة سينمائية صعبة التكرار.

يعرض الفيلم قصة التنافس بين صانعَي خدع سحرية هما روبرت آنجيير (هيو جاكمان) والفريد بوردون (كريستيان بيل) اللذين كانا يتعلمان الحرفة لدى جون كاتر (ميشيل كين). تموت زوجة آنجيير، التي كانت تشارك في العروض التي يقدمها الثلاثة، بسبب خطأ ارتكبه بوردون، الذي كان دائم التأفف من المستوى التقليدي الذي يجبره كاتر على تقديمه، فينشب شجار بين الاثنين وتبدأ قصة الصراع ما بينهما لتقديم عروض سحرية يتفوق كل واحد منهما على الآخر فيها عن طريق سرقة أسرار خدعه وابتكار خدع أفضل في سبيل الاستيلاء على المسرح اللندني لوحده. يتخذ آنجيير لنفسه اسم دانتون العظيم ويوظف مساعدة تقديم تدعى أوليفيا وينسكوب (سكارلوت جوهانسون)، فيما يتعامل بوردون مع مصمم خدع يدعى فالون. يقوم آنجيير بإرسال أوليفيا إلى بوردون كي تسرق أسراره، لكن أوليفيا تقع في حب الأخير وتنقلب على آنجيير بحجة أنه كان يسيء تقدير قيمتها سابقاً. يغضب آنجيير بشدة ويقرر اختطاف فالون ويضعه رهينة في مقابل الحصول على سر أعظم خدعة لبوردن (الرجل المنتقل) فيشير إليه بالذهاب إلى أمريكا لمقابلة العالم نيكولا تيسلا قائلاً له أن سر خدعته تكمن هناك. يصنع له تيسلا آلة تسمح باستنتساخ البشر في ظرف ثوان. يستعمل آنجيير الآلة لتقديم خدعة (الرجل المنتقل الجديد) التي اعتبرت أعظم الخدع في لندن والتي أثارت غضب منافسه لأنه عجز عن تقديم ما هو أفضل منها، وفي أحد العروض ينصب آنجيير فخاً لبوردون مستغلاً فضوله؛ إذ يقذف بنفسه في وعاء كبير مليئ بالماء موجود تحت المسرح بينما بوردون قد اندفع خلف الكواليس في محاولة لفهم الخدعة، ويتم القبض عليه بتهمة قتل روبرت آنجيير ويحكم عليه بالإعدام شنقاً. يظهر آنجيير من جديد بشخصية جديدة واسم جديد هو اللورد كالدو ويخبر كاتر أن ما صنعه كان سحر حقيقي وليس خدعة، ولهذا السبب لا يزال حياً، ويطلب منه أن يشتري آلة الاستنساخ ويضعها في قبوه. في اللحظة التي تم بها إعدام بوردون يكون آنجيير في القبو ويتلقى طلق ناري في صدره ليكتشف أن مطلق النار هو الفريد بوردون الرجل الذي من المفترض أنه تم إعدامه. يصدم آنجيير ويعرف أن بوردون وفالون كانا توأماً يتشابهان بشكل لا يمكن كشفه، يتشاركان في الاسم والهوية، ويكتب لبوردون النصر في معركته مع دانتون العظيم.

سوف أقوم بتقييم الفيلم حسب الخطوات التي ذكرتها في المقالة السابقة (هل تريد أن تصبح ناقد سينمائي؟ هذه الخطوات سوف تكون دليلك الأول في هذا المجال)

1- السيناريو : يمكن القول بثقة أن السيناريو كان عملاً إبداعياً متقناً. يبدأ الفيلم بمشهدي فلاش باك من النهاية وهي أفضل طريقة لبدء فيلم سينمائي. ثم يتم عرض الأحداث من النهاية، وبالتحديد من محاكمة بوردون وصولا إلى إعدامه وظهور توأمه وقتل آنجيير، هذا كان الخط الأول، الخط الثاني كان عبارة عن استرجاع ذكريات وأحداث لكلا الاثنين عن طريق قراءة كل منهما لمذكرة الآخر. بوردون في السجن، وآنجيير في أمريكا. ينتهي هذا الخط باتهام بوردون بالقتل ورجوع آنجيير إلى بريطانيا، ثم قام المخرج بوصل هذين الخطين من النهاية حتى البداية بطريقة تجعل المشاهد لا يلحظ مثل هذه الانتقالات لأن الأحداث بدت مترابطة جدا.

2- الإخراج : كان الإخراج عمل كريستوفر نولان، وهذا يكفي كي نشهد له بالحرفية؛ إذ إن جعل المشاهد يندمج تماما في بيئة القرن التاسع عشر بصرياً وسمعياً ليس بالمهمة السهلة، كما أن إخراج فيلم بسيناريو عظيم كالذي تكلمنا عنه يتطلب مجهوداً جباراً. توزيع المشاهد كان فعالاً، غير أن بعض المشاهد كان يتم الانتقال عنها بسرعة كبيرة إلى مشاهد مختلفة تماما وبطريقة تصيب المشاهد الأول بالتشوش، ولربما هذه هي النقطة السلبية الوحيدة.

3- التمثيل : يمكن اعتبار مايكل كين بطل هذه النقطة إذ إنه قدم أداءاً استثنائياً رغم أن الأحداث لم تكن تدور حوله، يليه بذلك كريستيان بيل. أما المشهد العام هنا فهو أن الأداء كان مبهجاً ويدعو إلى القول أن لا أخطاء أو ركاكة تمثيلية ظاهرة في الفيلم.

4 -الحبكة : إن الفيلم مقتبس من رواية، لكن الأحداث لم تكن مطابقة تماما في الاثنين. أما بالنسبة للحبكة فالشيء الإيجابي فيها أنها خالية من الابتذال، لا تدعوا للضجر، مليئة بالتجديد، تسير في خط متقدم، عند بعض الأحداث كان ما بعدها مرتبط بما قبلها بشدة، الوصول إلى الحل كان جذاباً بقدر لحظة الحل نفسها، مشهد موت بوردون ثم ظهور توأمه كان استثنائياً، النسق العام للحبكة يوصف أنه متماسك. أما الشيء الوحيد الذي يمكن اعتباره سلبياً هو تغييب دور فالون في بداية ومنتصف الأحداث حتى أن البعض يصل للنهاية دون أن يدري فعلاً، أو يتناسى، من هو فالون، وتظاهره بأنه أخرس زاد السوء في هذا الموضوع.

 5الفكرة : لا توجد فكرة إنسانية واضحة من الفيلم بالنسبة للمشاهد الأول، لكن الفيلم يعرض لنا أن عدم حسبان الأمور يؤدي إلى تبعات وخيمة، أو كما جاء على لسان كاتر قائلاً "الهوس لعبة الرجال الصغار" قاصداً أن السعي الجنوني لتحقيق شيء ما دون الالتفات للعواقب هو شيء خاطئ. أو كما جاء على لسان تيسلا حين قال أنه كان مهووساً يوماً، وإن هوسه قد دمره، محذراً آنجيير من أن يسلك طريقه، لكن الأخير يتجاهل كل التحذيرات ويمضي في هوسه سانحاً له أن يوصله إلى أقصى ما تمناه، ولكل بشكل زائد أيضاً إذ أن هذا الهوس هو الذي دعاه لاتهام بوردون، وهو الذي تسبب بموته أيضاً.
"حين تريد أن تعمل ينبغي أن تكون شرساُ لكن عقلانياً أيضاً" هذا ما يحاول الفيلم إخبارنا به.

6- الجملة الصحيحة في المكان الصحيح : والمقصود هنا قوة الحوارات ومكانها الصحيح في المشاهد. وبالنسبة لهذه النقطة لا نجد في الفيلم سوى القليل من العبارات التي يمكن اتخاذها كمقتبسات مفيدة للإنسان، أما بالنسبة للحوارات فكانت مقبولة جداً، لكن ليست عظيمة أو باهرة. كان بالأمكان أن تكون أفضل، لكن المخرج لربما فضل الاكتفاء بهذا القدر والابتعاد عن التعقيد كي يتجنب المشاهد المزيد من التشويش. يمكن إعطاء نسبة 78% لهذه النقطة في هذا الفيلم.

7- العاطفة : تنوعت في الفيلم الكثير من العواطف وعايشنا أكثر من حالة واختلجت في نفوسنا العديد من المشاعر والانفعالات بعضها كان الرعب والتشويق والتعجب والحب ثم الحزن ثم الحب من جديد والحزن مرة أخرى، ومنها ما كان يوصف بأنه رغبة الإنسان للوصول إلى طموحه وغايته.
والحقيقة أن المخرج لم يتكلف عناءاً كبيراً لإخراج العاطفة كما فعل مع الأحداث، ولهذا السبب فإن رصيد هذه النقطة يكون متواضعاً.

8- الواقعية : كانت صرخة الفريد بوردون لحظة تلقى رصاصة في يده واقعية لدرجة تجعل المشاهد يشك إن كانت إصابة الممثل تمثيلاً أم حقيقة. وبشكل عام يعد فيلم ذا برستيج من أغنى الأفلام نصيباً بالواقعية في الأحداث والتصرفات حتى أن ردات الفعل بين الشخصيات كانت قريبة جداً من ردات الفعل التي نراها في حياتنا، ولعل مرد ذلك إلى قوة الممثلين واستماتتهم في سبيل العمل، لكن رغم هذا تحلى المخرج بالحس الواقعي بدرجة كبيرة ههنا ولم نشهد أية أحداث يصعب تصديقها لو تغاضينا عن أمر آلة الاستنساخ، فالواقعية لا تتأثر بأفكار الخيال العلمي.

 9- التأثير : كيف تجد نفسك بعد خمس دقائق من نهاية الفيلم؟ هذا هو السؤال الذي نحكم به هذه النقطة.
في الغالب ستجد نفسك مندهشاً ومليئاً بالتشويق والحماس فور وضوح الصورة الكاملة للفيلم في ذهنك، وكلما كان تركيزك أعلى أثناء المشاهدة كلما زاد تأثير الفيلم فيك.

10- توصيل الفكرة : هذه النقطة تبقى محل شك، إذ إن الفيلم كامل من ناحية إيصال الفكرة إلى المشاهد لكن ليس من المرة الأولى، إذ إن ذا برستيج يعتبر من الأفلام التي تحتاج مشاهدتين على الأقل كي يتم استبعاب كل الأفكار والمشاهد واللقطات المتضمنة. نترك الحكم لكم في هذه الموضوع ونسأل هل وصلت إليكم الفكرة الكاملة من المشاهدة الأولى أم الثانية أم الثالثة؟

تقييم الفيلم في موقع IMDB هو 8.5/10 إنه لا يستحق هذا التقييم.. إنه يستحق ما هو أعلى منه.

0 التعليقات: